29 - 06 - 2024

رؤية خاصة | عربدة إسرائيلية

رؤية خاصة | عربدة إسرائيلية

(أرشيف المشهد)

  • 2-10-2015 | 17:33

هل أسدل الستار على  القضيّة الفلسطينية؟ هل توارت إلى الظل انتظاراً للحظة يطويها الغياب وتصبح نسياً منسياً؟ هل أصبحت قضية العرب المحورية وهمهم الرئيسي على مدى عقود مسألة فرعية لا تسترعي انتباهاً ولا تحرك ساكناً؟

في حياة الأفراد يقال إن الهم العظيم لا يغلبه إلا هم أعظم. فهل انتقلت القاعدة إلى حياة الأمم والشعوب؟ الهموم تترى في حياة أمتنا .. فاجعة العراق طوتها كارثة سوريا وبينهما المآسي من كل حجم ولون في اليمن وليبيا والسودان والقائمة تطول. دول تحتل واُخرى تتمزق وثالثة تقسم ورابعة تدمر وتفرغ من مواطنيها ليسهل تفتيتها وابتلاعها. كل هذا والقضية الأم تنتظر وتتعلل بالصبر وتتطلع إلى يوم الخلاص الذي ظنوه يوماً قريباً فإذا هو أبعد من نجمة معلقة في أبعد سماء.

العالم كله ملتفت عن القضية التي هي في واقع الأمر أصل كل الأنواء وكافة الأدواء التي تعاني منها المنطقة . هذه هي الحقيقة التي يتغافلون ونتغافل معهم عنها. فاللعنات التي تصيب المنطقة العربية والإسلامية محركها واحد وهدفها مشترك؛ خلق واقع جديد تتسيد فيه اسرائيل دون أدنى احتمال لشبهة تهديد أني أو مستقبلي من أي قوة إقليمية قائمة أو بازغة؛ واقع تفقد معه الدول المستقرة استقرارها وكيانها وقوامها الجغرافي والسكاني والتاريخي لصالح اسرائيل وحلفائها المستفيدين من حالة السيولة السياسية والرخاوة العسكرية والانهيار الاقتصادي والتشرذم العقدي والاستباحة الجغرافية وما يتبع ذلك كله من فقدان تام للسيطرة على موارد المنطقة أو ما بقي منها.

يدعي العالم الاهتمام بالأزمات الجديدة في المنطقة ويتعامى عن الأسباب المتجذرة وراءها والوقود الذي يشعلها. وهو بذلك لا يتعامى عن الحقيقة فحسب ولا يفقد بوصلة الحل بإهمال جذور المشكلات وفقط، بل أنه بتعامله على هذا النحو يهيء الفرصة هائلة والساحة على اتساعها لقوة واحدة ترتع بلا حسيب ولا رقيب وتستكمل مخططها في الإجهاز التام على القضية الفلسطينية ثم التمدد نحو البلدان المحيطة المثخنة بجراح الاقتتال الداخلي والهزيمة الذاتية. ليس غريباً في ظل هذه الأوضاع ان تواصل اسرائيل تجروءها على العربدة والاستهانة بكل ماهو مقدس والعبث بمشاعر أمة كاملة في توقيت له مغزاه.

العدوان الذي يتعرض له المسجد الأقصى ثاني القبلتين وثالث الحرمين في أيام هي الأكرم والأقدس على أفئدة المسلمين دون خوف من مساءلة ولا حذر من مواجهة يؤكد أن المخطط يسير بانتظام دقيق ويحقق أهدافه بكل نجاح. فكل بلد عربي أو إسلامي  متكور على ذاته يلملم أشلاءه أو يسعى بشق الأنفس لحماية حدوده المهددة وداخله المنتهك ولسان حاله ينطق بالعجز والضياع. أيام طوال والاعتداءات تتكرر على المسجد الأقصى وأقصى رد فعل خرج من العواصم العربية هو تنديد بالانتهاكات الإسرائيلية وما تشكله من استفزاز لمشاعر المسلمين، بينما اسرائيل تبالغ في الاستفزاز والتجبر وتحرم على المقدسيين مواجهة العدوان على مقدساتهم حتى بالحجر الذي لا يوقف عدوانا ولا يحسم حرباً وتقنن قنص المتظاهرين وقتلهم.

العدوان على الأقصى ليس بجديد ولا مستغرب في ظل وجود بنيامين نتانياهو وأطماعه التي لا يخفيها ولا يجملها، ولكن الجديد هو الظروف التي يتم فيها ولو كان العرب جادين في سعيهم لإنشاء قوة عربية مشتركة ذات أهداف واضحة لربما تغير اُسلوب التعاطي مع هذا العدوان.

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان